ملفات التكوين

مريم ومرتا

نتشارك

مثالاً، روحًا، ورسالةً.

في التزامهم الشخصيّ أو المهنيّ، نجد أشخاصاً مسيحيين يجذبهم الحدس الإنجيلي عند المؤسِسين. يستقون من هذا الينبوع ويتوقون الى عيش معموديتهم والإنتماء لكنيستهم مستنيرين بنور المسيح. (المطران لوسيان دالوز، لقاء الأصدقاء الدوليّ في روما من 26 الى 30 آب 2007)

إذا كانت المعمودية هي النسيجُ المتين لكلّ لاهوت، وهي روحانيّة ورسالة كلّ معمّد، فالحسّ الإنجيليّ عند المؤسيسين والمؤسِسَات يمنحه وسيلة فريدة للتعبير الكامل عن معموديّته في عيش العلاقة بالثالوث الأقدس والشهادة له في قلب العالم.

بيت يتلاءم مع هدف المؤسَسة ” منذ الأيّام الأولى لحياة الجماعة، تشاركت جان أنتيد مع أخواتها الأوليات، جوًّا روحيًّا يتميّز بحضور: الله وحده، يسوع السامري الصالح، الروح القدس، الكنيسة، مريم العذراء والقديس منصور. سمح لهنّ هذا الحضور بالتحلّي بإيمان راسخ وبروح الخدمة والأخوّة. إقتنعن جميعهنّ أن يعشن بطريقة إنجيلية ” النصيب الأفضل”: الخدمة، بناء الوحدة، والحياة اليومية كلقاء مع الله والأخوة.

إنطلاقاً من هذه الأُسس الروحيّة، “البيت” و “النصيب الأفضل” ، تحددت بعض النداءات الفعليّة.

” بيت يتلاءم مع هدف المؤسَّسَة “

                                                 (جان أنتيد الى الحاكم Debry 1808 )

  • الله وحده
  • يسوع السامري الصالح
  • الروح القدس ينبوع محبة الله
  • الكنيسة الخادمة والفقيرة
  • مريم العذراء
  • والقديس منصور

” النصيب الأفضل”

( جان أنتيد الى الأخت مرتا، 1825 (

  • الخدمة بحسب روح الإنجيل؛
  • الفقراء، أعضاء المسيح المتألم؛
  • الحياة اليوميّة، لقاء مع الله والأخوة.
  • المشاركة، عطيّة والتزام.

 

” بيت يتلاءم مع هدف المؤسَّسَة “

” دخلنا الى الشقة الجديدة في أواخر شهر تشرين الأول ( أكتوبر) من السنة نفسها…

وفي الوقت ذاته الذي كنت أُنشّىء فيه بناتي على الحياة العمليّة،

 كنت أُنشّئهنّ أيضاً على الحياة التأمليّة لمساندة وتقديس الحياة العمليّة ” ( مذكرة الحقائق الصافية )

عام 1799، في مدينة بزنسون، عاشت جان أنتيد في بيت مؤلّف من غرفة واحدة، تُقام فيها الدروس. وبعد انتهائها، كانت تلجأ الى إحدى صديقاتها لتنام عندها. في ايلول عام 1800، سكنت في شارع 13 مارتيلو(Martelot)،

في بيت مؤلّف من أربع غرف ومطبخ. ثمّ تدريجيًّا، سكنت ” خادمات الفقراء ” في بيوت وضعتها البلديات والرعايا والمستشفيات تحت تصرفهنّ.

بسرعة، أدركت جان أنتيد ضرورة إيجاد سَكَن أكبر وأوسع في مدينة بزنسون، تستقبل فيه الراهبات المعلّمات والممرّضات، كما المبتدئات والأخوات المريضات. كانت تحلم ببيت كبير يتماشى مع أهداف المؤسَّسَة. لقد طلبت هذا مراراً من السلطات المحليّة. وهذا ما فعلته عندما وصلت إلى نابولي. فالجماعة لا تملك بيتاً لا في فرنسا ولا سويسرا ولا سافوا.

نعم، على الرغم من أنّ الرهبانيّة لا تملك بيوتاً من حجر، فالراهبات الدارسات استقبلنَ في ” مناخ روحيّ” غنيّ وخصب يدعم حياة الإيمان والخدمة والأخوّة. هذه الفسحة الروحيّة تُشعر الفقراء بالترحاب والكرامة، كرامة أبناء الله؛ حيث تساعدهم الأخوات في احتياجاتهم الماديّة للتوصل إلى ما هو أعمق الى الإحتياج الروحيّ.

 فهذا الجوّ الروحيّ الذي يسمح لأصدقاء جان أنتيد أن يتشاركوا بشكل مكثّف حياة الإيمان والخدمة والأخوّة، يرتكز على :

  • الله وحده
  • يسوع السامري الصالح
  • الروح القدس ينبوع محبة الله
  • الكنيسة الخادمة والفقيرة
  • مريم العذراء
  • والقديس منصور

ألتزم كصديق لجان أنتيد بأن أسكن ” البيت ” وأشترك باللقاءات والمبادرات التي تُنظّمها الجماعة المحليّة.

 

الله وحده !

” لا يستطيع الإنسان أن يعطي بذاته، الحياة لذاته، ولا يفهم ذاته إلاّ إنطلاقاً من الله:

وحدها العلاقة مع الله تُعطي متانة وصلابة لإنسانيّتنا، وتجعلها حسنة وعادلة…

لنكرّس لله وقتاً كافياً ومكاناً واسعاً في حياتنا حتى يكون القلب النابض في وجودنا. “

                                          ( البابا بندكتوس السادس عشر في 11ايلول 2011 )

 

في التعميم لسنة 1809، أدخلت جان أنتيد، وللمرة الأولى: “على الرسائل التي أتبادلها مع الأخوات من الآن وصاعداً يصبح الشعار

 ” الله وحده” . ستستعمل جان أنتيد هذا الشعار بتعابير مختلفة في جميع كتاباتها: ” الله وحده ووحده فقط ” (1821 ) ” سعيدة بأنّ أكون لله وحده ” ( 1821) ” الله وحده كلّ شيء لي ” (1823)  ”  الى الله وحده ” (1823).

علاقتها العميقة مع الله كانت لها ينبوعاً لا ينضب، تستقي منه حيويّة قويّة توحّد كلّ شيء في حياتها : الفكر والإرادة والعاطفة والعمل والشخصيّة. ” الله وحده” هو خَفْقُ قلبها وشجاعتها وسبب جرأتها وأساس التزامها، كان سندها في الأيام الصعبة ورفيقها في خبرات الفشل. ” بما أنّي وحيدة، والربّ ساندني، تركّزت ثقتي على قوّته هو، فبذلت كلّ جهد وعملت ليلاً ونهاراً “. ( 1812)

أدركت جان انتيد بأنّ الربّ يُعطيها إندفاعاً جديداً وحماساً جديداً. وكم تمنّت أن يدخل الإيمان ” بالله وحده ” في قلب بناتها وفي قلوب الفقراء: “هؤلاء الذين تخدمنهم سيستفيدون ممّا يَرَون فيكنّ، فيدركوا أنّ سعادتهم وملجأهم الوحيد هي توبتهم الجديّة ورجوعهم الى الله”.

 ( رو المقال التمهيدي)

أصدقاء جان أنتيد،

– نستقي جرأة المحبّة من الصلاة و الإفخارستيا وسرّ المصالحة.

– نكتشف تدريجيًّا الحميميّة مع المسيح الذي نتعرّف إليه من خلال كلمته والفقراء والأحداث.

– نبحث أن نعيش بانتظامٍ أوقات سجود ومشاركة ومراجعة حياتنا.

يسوع السامري الصالح

يسوع السامري الصالح

 

” هذا المثل هو هدية مدهشة لنا جميعاً، ومتطلّب أيضاً. يردد المسيح لكلّ منّا ما قاله لمعلّم الشريعة:

” إذهب أنت واعمل مثله ” ( آية 37). إنحنى يسوع علينا وصار عبداً وبهذا خلّصنا  لنستطيع أن نحبّ بعضنا بعضاً كما هو أحبّنا “. ( البابا فرنسيس، المقابلة العامة، 27 نيسان (ابريل) 2016 )

 

“على أقدام يسوع المصلوب، أَستمدُّ القوّة، إنّي أتألمّ من أجله ومن أجل قريبي” (1823). إن روحانيّة العصر الذي عاشت فيه القدّيسة جان أنتيد كانت ترتكز على المسيح  وعلى الصليب بطريقة مميّزة، ” وحّدتُ أحزاني وحرماني بآلام وأحزان الربّ الذي تحمّلها من أجلي وأجل خلاصيّ الأبديّ”. ( 1821)

ترجمت جان أنتيد مفهوم الخدمة إنطلاقاً من سرّ الفداء. لأنّ هذه الخدمة هي إستمرارية حضور الفادي المسيح في العالم. ” أن نعلّم الفقراء والمرضى والصغار أن يعرفوا ويحبّوا ويخدموا الرّبّ، اليس هو جزء من العمل الذي أتى المسيح ليفعله على الأرض ” ؟ ( م. ت)  فالخدمة إذاً، على إختلافها، هي انتساب ومساندة حقيقية وفعّالة لمحبّة المسيح الخلاصيّة. إعتناؤنا بالفقراء يعني ” مشاركتنا في أعمال عريسنا الإلهي”( م. ت) .

نكتشف شيئاً فشيئاً بأنّ المسيح هو ” سامِرِينا ” الصالح الذي انحنى على ضعفنا وشفى جراحنا. نتعرّف اليه بالفقير والصغير الذي يتماهى بهم ونكون نحن أيضا سامريون لهم.

أصدقاء جان أنتيد،

– على ضوء مثل السامري الصالح (لو10: 25-37 ) الذي يقود نظرتنا وإصغاءنا ومواقفنا وأفعالنا، نبحث على أن نخدم إخوتنا، رجالاً كانوا أو نساء، وكأننا نخدم يسوع نفسه، دون تفرقة بالعمر أو بالثقافة وبالدين.

– نتعمق ونضع في قلب حياتنا، النصوص البيبلية التي تحدد عائلتنا الروحية وتنير إنتماءنا والتزامنا  باستمرار:

 متى: 25: 31-46 ” فلي عملتموه ” يو: 13: 1-15، … وبدأ يغسل أرجل تلاميذه ” لوقا: 10: 38-41،

 ” مرتا ومريم ” لوقا4: 16-21 ، ” أرسلني الربّ لأبشّر المساكين “.

 

الروح القدس، نبع محبة الله

يحرّك الروح القدس الكنيسة ويعمل فيها وفي قلوبنا. يجعل من كلّ مسيحي شخصاً مختلفاً عن الآخرين،

 ولكنّه يوحدهم جميعاً… لذا الروح القدس مهمّ جداً: هو المحرّك الأول للكنيسة الحيّة.  ( البابا فرنسيس،9 أيار 2016)

كانت جان أنتيد طيلة حياتها تدعو الروح القدس بجرأة كبيرة في مناسبات عدة. ليس بطريقة تقوية وحسب، بل تعترف به كفاعل ومنشط خاص بها، هي المرأة والمؤسِّسَة، ولأخواتها وجماعاتها التي عهد الله بهما اليها”

كتبت قائلة لممثّلتها في نابولي: ” أصلّي للربّ كلَّ يوم كي يساعدك في حمل عبء مسؤوليتك الثقيل، ولكي ينشّط الروح القدس حياة أخواتك الراهبات “.

الروح القدس هو القوّة التي تشكّل وتنمّي حياة المحبّة وتجعلها أكثر حيويّة وسخاء ومبادرة. ” مثل الرسل، قبلت راهبات المحبّة الروح القدس، فباستطاعتهنّ الذهاب الى المسكونة كلّها ” (1813 ).

 أنّ الروح القدس بالنسبة لجان أنتيد هو قوّة دينامكيّة وخلاّقة، علينا أن ندركها ونتعامل معها دوماً.

أصدقاء جان أنتيد،

– نتضرّع معاً الى الروح القدس كي نميّز إرادة الله في مسيرة جماعتنا وفي أمانتا الخلاّقة للكاريزما.

– نكرّس كجماعة كلّ سنة وقتاً محدداً للتجدد الروحيّ أو لرياضة روحيّة. 

الكنيسة الخادمة والفقيرة ،

                ” كم أرغب بكنيسة فقيرة، كنيسة للفقراء “….

 ( البابا فرنسيس 16 آذار 2013 )

في مزار العذراء السوداء في (Einsiedeln ) عند عودتها من المانيا، انتظرت جان أنتيد بثقة وتسليم في هذا المزار مدة اربعة أيام جواباً من الكنيسة. قال لها أحد الرهبان: ” يا ابنتي هذه هي إرادة الله، يريدك في فرنسا “. تنتظرك الشبيبة المتروكة للجهل الديني، إذهبي كإبنة سخية لمنصور وبشري الفقراء “. ( م. ر)

بسرعة وعزم لبّت جان انتيد نداء الكنيسة، ففتحت مدرسة إستقبلت فيها لمساعدتها شابات يتحلّين بروح العطاء وحبّ الرسالة.

بعد عودته من إقامته الجبريّة ، أولى البابا بيوس السابع إهتماماً للبعدي الروحي والراعوي للكنيسة الكاثوليكيّة، لذا وضع ثقته بالرهبانيّات الناشئة لتلبية الإحتياجات الملحّة آنذاك. كانت جان أنتيد ورفيقاتها أوّل مَنْ لبّى النداء، واضعة الرهبانيّة في تصرّف الكنيسة :” أنا إبنة الكنيسة، كنّ أنتنّ أيضا بنات لها ” (1820 ). جان أنتيد هي إبنة للكنيسة، منفتحة للعطاء وللإستقبال في مختلف الظروف الحياتيّة.

أصدقاء جان أنتيد،

– نحن خليّة حيّة في الكنيسة الجامعة. من رهبانيّة راهبات المحبّة ومن خلالها نتسلّم دعوتنا ورسالتنا ” كأصدقاء جان أنتيد ” في العالم.

– نشارك فعليًّا بحياة الكنيسة المحليّة كلّ بحسب قدراته، ونسهر على إبقاء إنتباهنا حيًّا ومصوّبًا نحو الأطراف الجغرافيّة والوجوديّة.

– نحبّ الكنيسة ونصلّيّ لأجلها ولأجل المسؤولين عنها، ولا ننسى المسيحيين المضطهدين في أنحاء العالم.

مريم العذراء،

” مريم، يا نجمة البشارة الجديدة، ساعدينا كي نُشع،

بالشهادة والشراكة بالخدمة والإيمان الحار والسخيّ،

بالعدالة ومحبة الفقراء،

حتى يصل فرح الإنجيل الى أقاصي الأرض،

ولكي لا تُحرم من ضيائه الأطراف البعيدة “

                                (فرح الإنجيل 288 )

 

إنّ نبض قلب جان أنتيد، الأول هو عرفان الجميل لمريم العذراء.

كانت تلجأ جان أنتيد الى شفاعة مريم العذراء الأمّ، في الأوقات الصعبة والحرجة التي تتعلّق بمستقبل رهبانيّتها: إذ طُلب منها الإندماج مع بنات المحبّة للقديس منصور دي بول، عشيّة انعقاد المجمع المصيريّ في باريس سنة 1807 ، ” عندها أخذت جان أنتيد صورة العذراء ووضعتها على قدميّ المصلوب في غرفتها؛ أضاءت شمعتين وصلّت طيلة ساعة بكلّ خشوع وحرارة، صلوات ليسوع المسيح المصلوب والى أمّه القدّيسة. وظلّت تقوم بهذه الصلوات، كلّ مساء طيلة عدّة أشهر”. ( م. أ.ر)

تدعو جان أنتيد بناتها الى بناء علاقة حنونة ومتينة مدى الحياة مع مريم العذراء. من خلال هذه الدعوة، نستشفّ المرأة المؤمنة والمصلّية. كانت جان أنتيد تناجي مريم بكلّ بساطة وبروح بنويّة وعرفان جميل. إنّها تدعوها لتكون ” الحامية والأمّ ” للذين يكرّسون حياتهم للخدمة.

أصدقاء جان أنتيد،

  • نتعلّم من مريم أن نقول: ” ها أنذا ” في أوقات الفرح وفي المحن.
  • نبتهل مع الكنيسة الى مريم ومن خلالها نتحدّ مع جمهور الفقراء الذين يلتجئون اليها ومعها الى إبنها يسوع.
  • نتحدّ مع الأصدقاء في العالم، لنتضرّع الى العذراء بصلاة من الصلوات المحبّبة عند

جان أنتيد: التبشير الملائكي أو  السبحة  أو نشيد مريم….

 

القديس منصور دي بول

” أيّها القديس الكبير، كنّ لي أباً،

أرغب بأن أكون واحدة من بناتك.

أنت أول رئيس لي وأنت مَثَلي،

أتوق أن أتمثّل بفضائلك. ( صلاة جان أنتيد أمام صورة منصور )

من الجذع المنصوريّ المُعَمر، أراد الله إنبات أغصان محبّة جديدة. إنّ كاريزما مار منصور حرّرت الطاقة النسائية، وأيقظت العلمانيين، وأعادت للكهنوت كرامته وعلّمت : “أن نحبّ الله بقوّة سواعدنا وعرق جبيننا”.

كاريزما وضَعت في المركز الأول خدمة الفقراء : ” همّ معلّمونا وأسيادنا… هم الذين سيفتحون لنا باب السماء”.

كاريزما، إستطاعت أن تُعيد الفقراء الى الكنيسة والكنيسة الى الفقراء. كان المسيح بالنسبة للسيّد منصور، قائده وقوّته:

” على يسوع أن يتدخّل معنا أو بالحريّ نحن معه، نعمل به وهو يعمل بنا “. (St Vincent à Antoine Durant)

علّم القديس منصور الفضائل الثلاث: التواضع، المحبّة والبساطة. هذه الفضائل تخُصّنا نحن أيضاً، لأنّنا مع جان أنتيد، نحن أبناء وبنات لمنصور، نكرّمه كمؤسس لنا وكأب ومَثَال وحارس خاص. ( تعميم 1807 ).

أصدقاء جان أنتيد،

  • نتعرّف إلى حياة وأعمال القديس منصور ونتعّمق بها. نتبنّى فضائلَه مدركين أنّنا ننتمي الى عائلة روحيّة واحدة.

نتعاون بقدر استطاعتنا مع مختلف فروع العائلة ” المنصوريّة “.

النصيب الأفضل

” النصيب الأفضل “

” في الله وحده وضعت كلّ رجائي

إذا تنازل الرب اليّ، فلا شيء يُخيفني؛

هو مثالي الكامل، عليّ أن أتبعه في آلامه وفي ذله،

أنا لست فقط مسرورة بل أفرح بأن رحمته الإلهية

أرادتني في هذه الحالة الثمينة،

أعطاني ” النصيب الأفضل ” فلن يُنتزع مني “.

                                  (رسالة جان أنتيد الى الأخت مرتا 1825)

في أيار 1825، في زمن المصائب والمحن القويّة، كان هذا تأكيد من جان أنتيد وخلاصة تترجم إيمانها وخدمتها وأمومتها الروحيّة. في هذه “الحالة الثمينة”  تُظهر الأمّ جان أنتيد القوّة الخفيّة التي تُحرّكها وهي: ” الرحمة الإلهية”.  هذا هو مرجع حياتها ومحور وجودها، يسوع يمرُّ من خلال المحنة والعذاب والإذلال. بهذا تعبّر جان أنتيد عن واحدة من أقوى المفارقات في الحياة المسيحيّة التي بالنسبة لها هي أن تختبر الفرح في الحزن والألم. هذا ما تسميه جان أنتيد،

” النصيب الأفضل ” والذي يمكن تلخيصه بأربعة أركان تشكّل أساس حياتها:

  • الخدمة بحسب روح الإنجيل.
  • الفقراء أعضاء أعزاء للمسيح المتألم.
  • الحياة اليومية، لقاء مع الله والأخوة.
  • الشراكة، عطية والتزام.

وأنا، صديق جان أنتيد، أستوحي من هذه االأُسس لحياتي الشخصيّة.

الخدمة بحسب روح الإنجيل

” الخدمة هي نمط حياة، يختصر بذاته نمط حياة المسيحي:

أن نخدم الله بالعبادة والصلاة وأن نكون منفتحين ودوماً مستعدين.

أن نحب فعليّاً القريب ونعمل بعزيمة لأجل الخير العام.

(البابا فرنسيس، باكو 2016 )

في عالم، يتميّز بإحساسه للقضايا الإنسانيّة الأساسيّة، وبتطوّر مواطنيّة فعّالة ومسؤولة، عالم حيث تتعايش الأنانيّة والقومية ومواقف الدفاع عن النفس وأشكال ملتبسة في الرجوع الى المُقَدّسات والبحث الروحيّ.

في كنيسة، تشعر بقوّة بأنّها مدعوّة الى التوبة والى الوقوف عند أقدام “الأكثر صغراً” في العالم، لتخدمهم بحبٍّ وبساطة.

في ضوء كاريزما الأم توريه :

في اليوم الثاني للثورة الفرنسية في 11 نيسان 1799 ، بدأت جان أنتيد مدرسةً للفتيات الصغيرات الى جانب قِدْر الحساء للفقراء. لقدّ وضعت ذاتها في الخدمة. فكان عيش الإنجيل لها ولرفيقاتها الأوليات، لقاء بوجوه، وتمييز فعليّ للإحتياجات الجسديّة والروحيّة، قول وفعل، صلاة وتعزية، وقوّة إصغاء ورعاية.
متيقنين بأنّ الإنجيل المُعاش هو لقاء مع الله ومع الآخرين، هو عطاء وأخذ متبادلين،

فصديق جان أنتيد مدعوّ إلى:

  • الإتزار باستمرار “بمريلة الخدمة”، في العائلة والعمل، في أوقات فراغه وعلاقاته وحياته الإجتماعية.

 

 

الفقراء هم الأعضاء الثمينة للمسيح المتألم

” نرى في الفقراء والمهمّشين وجه يسوع

بمحبّة الفقراء ومساعدتهم، نحبّ ونخدم يسوع

يدفعونا التزامنا لصون الكرامة الإنسانيّة في العالم وعدم المساس بها.

لأنّ التفرقة والإعتداءت على أنواعها هي جميعها وليدة البؤس “.

                                                          ( البابا فرنسيس، رسالة الصوم 2014 )

 

في عالم، يتميّز بقصر المسافات وآنيّة الخبر والحدث، وبحالات الفقر والتهميش، بالتيقّظ  المهمّ لإحترام الخليقة والبيئة من أجل نوعيّة حياة أفضل. في هذا العالم تتعايش المصالح الإقتصاديّة والماليّة فتستفيد منها أقليّة قليلة وتولّد بالمقابل فقراء جدداً واستغلالاً مفرطاً لموارد الطبيعة؛ كلُّ هذه الأشياء تقود الى عدم التوازن البيئي والى نتائج مضرّة بالسكان وبالأخصّ بهؤلاء المحرومين والمتضررين.

في كنيسة، هي في ” خروج ” دائم نحو الأطراف الجغرافيّة والوجوديّة والتي وبالرغم من جراحها تتوجّه نحو اختيارات الصدق والفقر.

على ضوء كاريزما جان أنتيد

من مدينة بزنسون الفرنسيّة وصلت جان أنتيد الى نابولي في إيطاليا وذلك في تشرين الثاني (نوفمبر) 1810. هدفها توجيه المرضى والإعتناء بهم في مستشفى الأمراض المستعصيّة. وعندما رات بؤس “les Bassis  ” الأقبية الأرضية حيث تسكن معظم العائلات  فهمت الأمّ جان أنتيد أنّه عليها مع رفيقاتها خدمة الفقراء ” في السجون وفي دور المحبّة، في المنازل والمدارس التي فُتحت لتعليم الفتيات الفقيرات”. تعتبر جان أنتيد الفقراء ونحن معها أنّهم ” أعضاء المسيح المتألّم “.
        مدركّ أنّ نمط حياته وطريقة استخدامه للمال ولأوقات الفراغ وللخير العام، يستطيع أن يساهم في تفقير أو في نمو رفاهية إخوته

 وأن يولّد أو أن يقضي على الظلم، أن يساهم أو أن يحذّر من الكوارث البيئية.

فإنّ صديق جان أنتيد مدعوّ الى:

أن يعتبر الفقراء كإخوة وأصدقاء، يتطوّعُ ويلتزمُ بخدمتهم بتعاون مع راهبات المحبّة أو مع باقي المنظمّات الكنسيّة أو الإنسانيّة أو الإجتماعيّة.

الحياة اليوميّة

الحياة اليوميّة

الحياة اليوميّة هي تقاطع حيويّ بين محبّة الله ومحبّة القريب.

 ” إنا بحاجة الى التعرّف على المدينة، إنطلاقاً من نظرة تأملية، اي نظرة إيمان تكتشف هذا الاله الساكن في منازلها، في شوارعها وساحاتها. إن حضور الله يرافق البحث الصادق الذي يقوم به أشخاص وجماعات كي يجدوا سنداً ومعنى لحياتهم “. (فرح الإنجيل 71 )

في عالم، يتميّز بقدرة الوصول الى كَمٍّ من المعلومات من خلال ثقافات متعدّدة تُولّد باستمرار توجّهات حياتية جديدة، وبمتابعة التقدم في مجالات الصحة والتربية والتواصل ورفاهية الأشخاص، حيث تتعايش حقائق، إذا لم تجد حلولاً سليمة وخيّرة، توشك أن تصل الى تطورات لا تحمد عقباها؛ الى اللإنسانية والى الإعتراضات والمطالبات بالحريّة والمشاركة والعدالة والكرامة.

 في الكنيسة، كنيسة مدعوّة الى أن تعيش الإنسانية الى أبعد حدودها، وأن تبقى حاضرة كخميرة وشاهدة في قلب التحدّيات.

على ضوء كاريزما جان أنتيد

” الله في كل مكان، قريبنا في كل مكان، هذا يكفينا “. إنّ الرباط المتين الذي لا يوصف بين محبّة الله ومحبّة القريب هو أساسيّ في حياة جان أنتيد. نستشفُّ من طريقة عيشها إعترافها بحضور الله في كلّ واقع إجتماعيّ وثقافيّ وجغرافيّ وعرقيّ، وبرباط الأخوّة بين البشر رجالاً كانوا أم نساء. في خيارات جان أنتيد  الملموسة وفي مشاريعها، نميّز رغبتها بتغذية إيمانها ” بالله وحده ” وبالسجود للصليب وبالصلاة الجماعيّة التي تساهم في بناء  ملكوت الله.

في حياتنا اليوميّة، وعلى مثال جان أنتيد، نحن بحاجة الى أن ” نأخذ المشورة من الله، من الظروف ومن الوقت “.

                                                                   ( رسالة الى المطران Lecoz  1812 )

مستسلماً لنور الروح القدس ولقوّة الحبّ،

يلتزم صديق جان أنتيد بأن،

  • يكرّس بانتظام وقتاً للصلاة والتأمّل في كلمة الله، ليعيش يومه كلقاء مع الله ومع ذاته ومع الآخرين ومع عالم اليوم.
  • يتعمّق بالكلمة على ضوء الروح القدس. ويقرأ “الجريدة” ليميّز علامات الأزمنة، ويكتشف عمل الله ونداءاته في حياته وحياة إخوته البشر.
  • يكوّن ضميراً حرّاً بتقيّمه بطريقة نقدية مصادر المعلومات التي تصل إليه، ويقبل كلّ مناسبات التنشئة والتعمّق، حتى يتمكّن من إتخاذ الخيارات الإنجيلية في مجتمعه.

يتعمّق في حياته الروحيّة، بقراءتها على ضوء الإنجيل، وبالمرافقة.

الشراكة

الشراكة

 هبة والتزام

في أيّامنا، فيما شبكات التواصل البشريّ وأدواته قد بلغت مستوى فريداً من التطوّر، نشعر بضرورة اكتشاف ونقل

” صوفية ” العيش معاً، والتمازج والتلاقي والتعانق والمساندة، والمشاركة قليلاً في هذا المدّ الفوضويّ الذي يمكن أن يتحول الى اختيار إخوّة حقيقيّ، الى قافلة متضامنة، الى حج مقدس “.  (فرح الإنجيل 87 )

في عالم، يتمّز برغبة التعاون والسلام وبضرورة الحوار بين الأديان، بقبول الإختلاف وتعطّشه الى المشاركة  في التقدّم الإجتماعيّ والثقافيّ، في عالم تتعايش فيه كلّ أشكال العنف، والإستغلال للسلطة، وتكثر فيه ظواهر الإستبداد والتهميش وصعوبة إحتواء الإختلاف.

في كنيسة، تفتّش عن تّنمية الإتحاد والشراكة في داخلها ومع البشرية جمعاء؛ وتشجّع ثقافة الإحترام المتبادل والسلام العالميّ والتعايش من خلال الفهم للنعمة الإلهيّة التي تجعل البشر إخوة في ما بينهم. (وثيقة الأخوّة الإنسانية ابو ظبي 4 شباط 2019 )

كنيسة تتمركز بطريقة تساعدها على أن تكون منتبه الى القضايا الحياتيّة والعائليّة والجنسيّة الخ….

على ضوء كاريزما الأمّ توريه،

لم تتقوقع جان أنتيد وأخواتها على ذواتهنّ أمام الصعوبات والفشل. والدليل بأن جان أنتيد إفتتحت العديد من الجماعات خارج (Franche Comté ) وحتى خارج فرنسا، بهدف خلق الشراكة وبناء الأخوّة.

في ليلة سفرها الى مدينة نابولي الإيطالية، هكذا صلّت جان أنتيد: ” هذا بلد غريب ولغة غريبة وعادات غريبة وفتيات غريبات،عليّ أن أستقبلَهنّ وأنشئهنّ، هلمّ أيّها الروح القدس وانزل علينا كما نزلت على رسلك “. مندفعةً بهذه القناعة، ذهبت جان انتيد الى لقاء الغريب، بثقة ورجاء بالرغم من إدراكها للصعوبات التي عليها اجتيازها.
مُستَقبِلاً النداء بأن يصبح إنساناً “علائقيّاً “، مفضّلاً الحوار والوفاق والمصالحة،

صديق جان أنتيد مدعو الى أن:

  • يعيد نسج علاقاته المنقطعة وغير الوديّة، وسوء التفاهم في العائلة، مع الجيران، في الرعية والمجتمع…
  • يبحث كيف يمكنه أن يكون جسراً في واقع الكنيسة والمجتمع.

يشارك بكلّية في المناسبات واللقاءات والمشاركات الأخوّية و ينفتح على الوقائع الدينية المختلفة وعلى تداخل الأجيال والثقافات والأعراق.

إليك أنت…

 

 

إليك أنت يا مَنْ تؤمن بالصداقة

إليك أنت يا مَنْ تحمل في قلبك مستقبل الخليقة

إليك أنت يا مَنْ تؤمن بعالم أكثر تضامناً وأخوّة

إليك أنت يا مَنْ لا تخاف أن تُشمّر عن ساعديك

إليك أنت يا مَنْ تبحث أن تنظر دائماً إلى العلى.

                                                                   الحركة الدوليّة لأصدقاء القدّيسة جان أنتيد

شبه كبير بين حياة جان أنتيد وحياة مرتا ومريم

إننا كمسيحين، نجد  في نص الإنجيل الذي  يتكلّم عن مرتا ومريم، جوهر كينونتنا بصعوباتها وبالنصيب الأفضل الذي نتوق اليه. يسوع ذاته، المعلم، هو روح هذا النص. فمريم ومرتا هما رئتا كلّ مسيحي؛ بتناغمهما واستقبالهما ليسوع المخلص، يتسعان لتأمل وخدمة – ولخدمة وتأمل.

إمتلأت جان أنتيد من يسوع المعلم ويسوع المصلوب، بمثابرة مستمرة بين التأمل والعمل،” الله وحده “

مرتا ومريم في حياة جان أنتيد

إنّه لمن المفيد أن نرى كيف قضت جان أنتيد، وبالرغم من كلّ الصعوبات، حياتها تتأمّل، وتبحث عن” الله وحده ” وعن كيفية تتميم إرادته في خدمة المحتاج. قادتها الصلاة الى الخدمة والخدمة الى الصلاة. فخدمتها تشهد على وجود الله في إخوتها البشر.

نرى جان أنتيد طفلة ومن ثم مراهقة ترعى القطيع وتصلّي السبحة بمشاركة أقرانها.

نراها يتيمة الأم بعمر 15 سنة ومسؤولة عن تدبير البيت الأبويّ.

نراها تصلي أمام العذراء في كنيسة الرعية، وتضع بين يديّ مريم صعوبات عائلتها ومكايد العمّة أوديت.

نراها في الثورة الفرنسيّة تواجه وتقدّم بكل أمانة للمسيح، النفي والإضطهاد والتهديدات…

نراها في ترحالها وسيرها وحيدة، تدخل الى الكنيسة فتغرق في الصلاة وتتقدّم من الأسرار الإلهية.

نراها تقبل إرادة الله وتصبح مؤسسة لرهبانيّة تخدم الفقراء في بحث دائم، هدفه، التناغم ما بين التأمّل العمل.

” وفي الوقت ذاته الذي كنت أنشئ فيه بناتي على الحياة العمليّة، كنت أنشئهنّ أيضاً على الحياة التأمليّة لمساندة وتقديس الحياة العمليّة. فالصلاة الشفهيّة والعقليّة طُبّقت منذ اليوم الأول، كذلك فحص الضمير والقراءات الروحية والسبحة والإبتهالات الوجيزة والصمت…”. (مذكرة الحقائق الصافية رقم: 12 صفحة 480 ) ( بالترجمة العربية ص: 182)

نراها تصلّي من أجل أعدائها وتكمّل بشجاعة رسالة المحبّة.

” يا إلهي، ها انا ساجدة امام عظمتك الإلهية، تنازل واصغ الى صلاتي المتواضعة؛ تعال الى معونتي؛ اسرع الى إغاثتي؛ نجني من ظلم اعدائي؛ لا تنظر الى خطاياي. إني وضعت فيك وحدك ياإلهي وربي، كل ثقتي وكامل رجائي: إن من يرجُك لا يُخزَ ابداً “. (صلاة جان أنتيد 1821  –  LD p: 487)  (ترجمة ص: 197 )

إذا، الصلاة حالة مستمرة في حياة جان أنتيد، إنّها علاقة استقبال وحبّ مع الذي يُحيّها والذي تحيا لأجله. لذا، لا عظات ولاخطابات في كتاباتها تتعلّق بموضوع الصلاة.

مرتا ومريم في تعاليم وكتابات جان أنتيد من المفيد ان نلحظ كيف إنّ كتابات جان أنتيد ورسائلها الدوريّة تدور وتتناغم حول موضوع العمل والتأمل؛ حيث نجد كثيراً من الأحيان، صلاة تتخلل هذا النص أو ذاك وتشكّل

خلاصة أو تعبيراً يدلّ على كيفية إندفاع جان أنتيد للبحث عن تتميم إرادة الله، وعن ثقتها الكاملة به. وذلك لأجل خير الفقراء ولمجده.

” أيتها العناية الإلهية الكبيرة، كم انت مدهشة! لقد وضعنا فيك ثقتنا فتنازلت وكللتها. فلك وحدك كل المجد “.

                                (تعميم 5 تشرين ثاني، نوفنمبر، 1810 LD p :73 ) ترجمة ص: 110

” إننا نضع ذواتنا بكليتها بين يدي العناية الإلهية بما يخص فرنسا ( كان الإنفصال بين فرنسا وإيطاليا قائماً ) عاملين بنصائح الكرسي الرسولي بما يخص المعاملات التي رأينها مفيدة لتوحيد العقول والأرواح… ولكن بدون جدوى! نترك إذاً هذه المشكلة لرحمة الله وعنايته، لأننا قد اوكلناها له منذ زمن بعيد. لتكن مشئته  وليعود كل شيء لمجده. هذه هي الأحاسيس التي تملأ قلبي “. (رسالة الى السيد Adinolfi 12 كانون الأول 1824 LD p : 400  )

أما الى الأخت آن بون كتبت جان أنتيد: ” إذا تأملنا بيسوع المصلوب، نجد الكثير من القوة، فلا نعود نتذمر من عذاباتنا أمام ما قاساه هو من آلام. نعترف بأنه يعاملنا كأصدقاء فتتحول أتعابنا الى فرح. أصلي الى الله كي يُعطيك هذه النعمة”. ( رسالة 26 تشرين الأول1817… LD p : 275 )

خلاصة جيدة:

يا لجمال صلواتها وحكمة كتاباتها عن المحبة! يالتناغمها في خدمتها. خدمة، تبشّر، تعلّم، ترفع، تطهر، تفضح الظلم وتمجد الله.

في 11 نيسان (ابريل) عام 1799، فتحت في بزنسون مدرسة مجانية لتعليم البنات الشابات… وبعد زمن قليل إرتفع عددهنّ كثيراً.

” كنت أذهب برفقة بناتي الى البساتين والأرياف لجمع الأعشاب، وأعرفهن على مختلف النباتات والأزهار الطبية ومميزاتها، وعلى كيفية تقطيرها. كنت أذهب الى زيارة المرضى الفقراء في بيوتهم وأصطحب معي بناتي مداورة وأضمد جراحهم. كنت أعلمهن التعرف على الأمراض ومختلف عوارضها، وآخيراً أن يحدثن المرضى عن الله، ويعلمنهم كل الأمور الضرورية لخلاصهم… أن يعزينهم ويشجعنهم في كل وقت ويقرأن لهم قراءات روحية” ( مذكرة الحقائق الصافية ص: 478 – 479 ) ( ترجمة: ص: 180 – 181 )

” كم هي معزية لنا، بالإيمان، هذه الخدمات الروحية والزمنية التي بداناها مع الفقراء في أكواخهم البائسة! كم هو عذب أن نُحيّ شجاعتهم المحبطة، الخائرة، لعجزهم عن تامين الإسعافات الأولية الضرورية لأجسادهم وأرواحهم. هؤلاء الفقراء سيكونون موضوع إعتنائنا الدقيق. إنهم إخوتنا ونظراؤنا أمام الله. سعادتنا هي أن نجفف دموعهم ونسكت عنينهم “. (الى وزير الداخلية في مملكة نابولي، 31 كانون الثاني 1813 ص: 229 )

للتعمّق:

  • هناك شبه كبير بين حياة جان أنتيد وحياة مرتا ومريم، أي بين الخدمة والتامل في حياتهما، اين تجده؟ إذا حفظت حدث من الأحداث، تستطيع أن تشاركه إذا أردت.
  • أنت تعرف أو تريد أن تتعرف على حياة جان أنتيد، إقرأها إذا من هذا المنظار: جان أنتيد تتأمل لتخدم، وتخدم لتشهد للمحبة.

كم من الوقت تُعطي في اليوم للصلاة، للقاء الرب والإصغاء اليه والحوا

صلاة وخدمة

منذ العصور الأولى، رأى آباء الكنيسة ومنهم القديس أغوسطينوس (بحديثه 103) أن موقفي مريم ومرتا هما روحا الكنيسة؛ الروح التأملية والروح المكرسة للتأمل الفاعل. فالروحان غير منفصلان بل بالعكس يتعاضدان في قلب كل مسيحي.

” ماذا يقول الرب لمرتا؟  إختارت مريم النصيب الأفضل، هذا لا يعني أن مرتا إختارت النصيب الأسوء، بل يوضح أن نصيب مريم هو الأفضل. لماذا هو الأفضل؟ لأن لا أحد يستطيع أن ينتزعه منها. أما أنت، فيوماً ما ستجدين نفسك رازحة تحت ثقل الحاجة، بينما عذوبة الحقيقة أزلية. لا ينتزع منها النصيب الذي اختارته بل سيزاد!… سيزاد لها بالفعل في هذه الحياة ويكتمل في الحياة الأبدية. فلا ينتزعه منها أحد أبداً “

                                                (حديث 103 عن كلام إنجيل لو: 10: 38-42)

أمّا في العصور المسيحيّة الوسطى، يقدّم  لنا المعلّم Eckhart  اللاهوتي والفيلسوف والمتصوّف، رؤية جديدة لشخصيّة مرتا. إنّه يُبرز نضوج إيمانها، هي التي تطلب من يسوع أن يتدخّل ليتسنّى لإختها مريم أن تقوم بقفزة نوعيّة تساعدها على دمج التأمل والعمل معاً في حياتها.

” تحلّت مرتا بفضيلة ناضجة وقويّة وروح بعيدة عن القلق. لا تخجل من الأشياء. لذا تمنّت أن يكون لأختها الشروط نفسها، فهي تعرف أنّ أختها غير مرتاحة. بمعنى آخر، في قرارة كلّ نفس يوجد نضوجاً تتمنّاه مرتا لإختها مريم لتستقر وتثبت في كل ما يتعلق بالتطويبة الأبدية ” (المعلم Eckhart حديث 86).

و يستند أيضاً البابا يوحنا السادس على قانون القديس بندكتوس ليظهر أهمية الإيمان الناضج الذي يستطيع أن يدمج بين الصلاة والعمل.

” نعود الى Ora et Labora، الصلاة والعمل عند الآباء البندكتيين، الى نص مأخوذ من القديس توما هو بمثابة المفتاح اللاهوتي الروحي : ” الصلاة  تحفظ حياتنا، منظمة ومنتظمة في الله ” ويتابع Montini  تعمّقه قائلاً: ” هذا مهمّ جداً لأنّه يجعل التزامن ممكناً، بمعنى آخر نستطيع القيام بعدة أشياء بآن واحد، أيّ العمل والصلاة.

فمعلّم الحياة التامليّة كتب :  Ora et Labora ” صلاة وعمل ” ما معناه انّهما واحد في إثنين، هدفهما واحد، البحث عن الله. فعندما أصلي بطريقة ظاهرة، أو بطريقة ضمنيّة في عملي فإنّني أصلّي. النوايا مهمّة جداً، علينا أن نأخذها بعين الإعتبار لنعمل بنيّة مستقيمة. إذا قمت بعمل نوعيّ، محبة بالله، فهو عمل حب؛ اما إذا قمت به بكثير من النوايا، محبة بالله  وبالقريب، أيّ تكريماً لله وخدمة له، فإن عملك يغتني بكلّ هذه النوايا القيّمة.                            ( تعمق في مسيرة الحياة المسيحية، روما Dehoniane 1997 ص: 19 )

بعدما استمعنا الى هذه الأصوات المسؤولة، نرى أنّ البابا فرنسيس وبعد صلاة التبشير في 21 تموز، يعطي هو أيضاً الإثبات التالي : من المهم أن تعيش الروحان (الصلاة والتأمل ) بطريقة متزنة في حياة كلّ مسيحي.

” عند المسيحي، العمل الخيري والخدمة لا ينفصلا ن عن النبع الأساسي لكلّ عمل، أيّ الإصغاء لكلام الله. الأفضل، هو الجلوس مثل مريم عند أقدام يسوع، متخذين وضعيّة التلميذ، مصغين الى كلامه. لهذا السبب أنّب يسوع مرتا. لنوحّد الصلاة والعمل دوماً في حياتنا. إنّ الصلاة التي لا تترجم بعمل فعلي تجاه الأخ الفقير والمريض والمحتاج الى المساعدة، او مَنْ هو في صعوبة، تبقى صلاة عقيمة وناقصة. كما في الخدمة الكنسية، عندما لا نبالي الاّ بالأشياء الخارجية  والتنظيمات متناسين مكانة المسيح. وعندما لا نكرّس وقتاً لله لنلتقي معه بالصلاة، نقع في خطر خدمة انفسنا وليس في خدمة الله الحاضر في المحتاج “

( البابا فرنسيس التبشير الملائكي في 21 تموز 2013 ).

أخيراً، فإنّ كلام Detrich Bonhoeffer يؤكد حقيقة واضحة جداً إذ يقول: الشخص غير القادر على الإصغاء الى كلام أخيه الإنسان لايستطيع أن يصغي الى كلام الله.

” أول خدمة نُسديها للقريب هي الإصغاء اليه. كمحبة الله التي تبدأ بالإصغاء لكلمته. وبداية محبة الأخ هي ايضاً بالإصغاء اليه. الله يعطينا ليس فقط كلمته محبة بنا، بل ايضاً أذنه “…

إن الذي لا يجيد الإصغاء لأخيه، لا يجيد أيضاً الإصغاء لربّه. لأنّه هو المتكلّم الدائم أمام الله. من هنا يبدأ موت الحياة الروحيّة ولا يبقى سوى الثرثرة الروحيّة، و التنازل الرهباني الذي يخنق لذة الكلام التقويّ. إن الإنسان الذي لا يُصغي مطولاً وبصبر، لا يؤثر كلامه بمن حوله بل بالعكس يتجاهلونه الآخرون.

فالذي يفكر بانّ الإصغاء للقريب هو ضياع لوقته الثمين، لن يكون لديه، بالحقيقة، وقت لا للإصغاء لقريبه ولا لربه، لأنه مشغول بنفسه، بكلامه ومشاريعه. لأنّ الإصغاء بشرود وعدم مبالاة يكون إحتقاراً للآخر. إنّه ينتظر الإفلات من أخيه ليتكلّم هو. فبهذه الطريقة تكون رسالتنا ناقصة غير كاملة، وبموقف كهذا تظهر نوعيّة علاقتنا بالله. علينا أن نصغي ” بإذن ”  الله كي يُعطى لنا أن نتكلّم بكلامه.

للتعمّق

  • في الحياة اليوميّة، ما هو الشيء الذي يساعدنا ويشجّعنا ويعضدنا كي تستطيع روح التأمل وروح العمل العيش فينا، والمساهمة في نمو إيماننا؟
  • أحاول أن أشارك المجموعة بخبرة ساعدتني لأعيش بطريقة إنجيليّة علاقاتي مع القريب؟

                مرتا ومريم

مرتا ومريم : لو: 10 : 38-42

يضع لوقا نصّه هذا بين مثل السامري وتعاليم يسوع حول صلاة التلميذ. يسوع يصعد الى أورشليم ويقترب من تتميم رسالته. لقد رفض السامريون يسوع وتعاليمه؛ فوجد في بيت عنيا مَنْ يستقبله ويسمح له بأن يتذوّق طعم الألفة والصداقة وأن يجد الراحة ويجدد قواه قبل أن يواجه المحن التي تنتظره.

مرتا تستقبل يسوع وتسرع الى الخدمة: آية: (38- 40 آ )

إستقبلت مرتا يسوع عندما دخل بيتها. إنّها إمرأة نشيطة، جريئة ومسؤولة، تحسن إدارة ممتلكاتها. تُظهر علاقتها العميقة وصداقتها مع المعلم في طريقة تخاطبها معه. وأيضاً يسوع يحبّها كثيراً.

لدى مرتا أخ إسمه العازر وأخت تدعى مريم… يو: 11: 12

توفي أخوها العازر ودفن وأنتن غير أنّ يسوع أقامه وردّ له الحياة. في هذا الحدث، ظهر وتجلّى أفضل فعل إيمان في الإنجيل قامت به مرتا. لقد إستطاعت أن تواجه حقيقة الموت وأن تؤمن بأنّ كل شيء مُستطاع:

 يو: 11: 5.

مريم تُصغي لكلام يسوع : آية :39

تظهر مريم كإمرأة تأمل، إذ أنّها تجلس، بوضعية التلميذ المعتادة مع معلّمه، عند أقدام المسيح الذي دخل بيتها ليستريح. فعند أقدام الربّ، تشعر مريم بينبوع ماء حيّ يتدفق في داخلها فتستقي منه فترتوي وتشبع.  

بحسب يو: 12: 1-8 مريم هي التي دهنت يسوع قبل أيام قليلة من اعتقاله. أكملت مريم عملاً غير مُنتظر إذ غسلت قدميّ يسوع بطيب غالي الثمن، النردين، والطيب الذي ملأ المكان، يذكّر برائحة حضور المسيح.

مرتا تنفعل وتطلب من يسوع أن يتدخّل: آية: 40 ب

بطريقة مفاجئة تقول مرتا ليسوع: ” ياربّ ألم تبالي أن تتركني أختي أخدم وحدي؟ قلّ لها أن تساعدني ” مرتا توجّه شكواها مباشرة الى يسوع لأنّها ستقوم وحدها بالخدمة. إنّها قلقة، وموضوع قلقها متعلّق بأهميّة الخدمة ” الدياكونية ” أو بالأحرى شعورها بأنّ الخدمة ثقيلة إن لم نتشاركها.

تَظهر امام يسوع المفارقة بين الأختين. كلّ واحدة تريد أن تخدمه ولكن بطريقة مختلفة.

جواب يسوع: آية: 41-42

إنّ جواب يسوع هو بمثابة ملامة لطيفة، إنّه لا يحكم، بل يُبرز وضعية التلميذ. ” مرتا، مرتا، انت تقلقين وتهتمّين بأمور كثيرة، مع أنّ الحاجة الى شيء واحد ” . يعترف يسوع بسخاء مرتا واستقبالها وقلقها أيضاً، غير أنّه يشدد على قيمة الإصغاء الشخصيّ للكلمة وذلك بالنسبة للأختين. لا يحكم يسوع على مرتا، بل أنهّ يذكّرها بخطورة العيش بتشتت دائم؛ فالإنشغاف المستمرّ بالخدمة يبعدنا عن كلام يسوع الذي هو ينبوع كلّ خدمة.

ينتظر يسوع توبة من مرتا كما من مريم. فإذا كانت مرتا مدعوّة الى عدم الإنشغاف للقيام بأشياء كثيرة بل الجلوس عند أقدام يسوع والإصغاء اليه، هكذا مريم عليها أن تجسّد ما سمعته في خدمة الأخوة.

بحسب تفسير مثير للمعلّم Eckhart  (1265-1328 ):

مرتا إمرأة مكتملة وصلت الى النضوج الروحي. تعرف كيف تعمل وتعيش في حضرة الله. بينما مريم لاتعرف، إنّها تتعلم فهي لا تستطيع الإبتعاد عن يسوع ومقاطعته. رغم ان يسوع يُعرّف دور مريم ” بأنه الأفضل ” يقول هذا المتصوّف الإلمانيّ الكبير، بأنّ إيمان مريم يبقى غير مكتمل بدون الخدمة.

الإتحاد بالله يقود التلميذ الحقيقي الى العالم، الى الإنتباه الفعلي والحقيقي والمحبّ للإشخاص.

فالطريقة الفضلى لنكون مرتا هي أن نكون مريم والعكس بالعكس!

 شجاعة المحبة

بيت يتلاءم مع هدف المؤَسَّسَة

إنّ تاريخ الأصدقاء في العالم يساعدنا على الرجوع الى جذور الكاريزما، الى عمق بيت مبنيّ على الصخر، أساسه:

  • الله وحده
  • يسوع السامري
  • الروح القدس منبع محبّة الله
  • الكنيسة الخادمة والفقيرة
  • أمنا مريم العذراء
  • القديس منصور

كلمة الربّ تُنيرنا: متى : 7: 21… 24-25

في هذا الوقت، قال يسوع لتلاميذه:

” ما كل مَنْ يقول لي: يا رب، يا رب! يدخل ملكوت السماوات. بل مَنْ يعمل بمشيئة أبي الذي في السماوات.

فمَنْ سمع كلامي هذا وعمل به، يكون مثل رجل عاقل، بنى بيته على الصخر فنزل المطر، وفاضت السيول، وهبت الرياح على ذلك البيت فما سقط، لأن أساسه على الصخر.  ومَنْ  سمع كلامي هذا وما عمل به، يكون مثل رجل جاهل، بنى بيته على الرمل فنزل المطر، وفاضت السيول، وهبت الرياح، على ذلك البيت فسقط، وكان سقوطه عظيما “

ليس هناك كلمة أكثر إيحاء من كلمة ” بيت “. كلمة صغيرة تتالف من ثلاثة حروف فقط ، بيت صغير ولكنّه يحتوي في داخله على كلّ شيء. البيت هو في المخيلة الجماعية، بناء له سقف مثلث أو هيكل مستطيل أو مربع. صورة نستطيع أن نُضيف اليها الكثير…

ولكن، ماذا تعني كلمة بيت؟ هل هي الجدران التي تآلفنا معها أو الأشياء الغالية على قلوبنا أو العلاقات التي تعشعش فيه أو الشعور الذي يلونّه  والأحاسيس التي تختلج في داخله؟…

لنحاول أن نتخيّل ما هو ” البيت ” … تلقائياً، يذهب تفكيرنا نحو ما يوحي لنا هذا البيت، أكثر من ما يدلنا عليه. تفكيرنا يحملنا الى ضجيجه الى جدرانه القديمة التي زال عنها مِلاطها (الإسمنت) فراحت الوانها تتسابق لتُظهر نفسها قبل أخواتها. نتذكّر ورق الجدران والشقوق والبلاط والسقف والأشباح والروائح والأشخاص والأحاسيس… تحملنا مخيّلتنا الى اللامكان، إلى واحد من هذه اللاأماكن الموجودة في خيالنا الخصب.

عملت جان انتيد الكثير مع أخواتها الأوائل لبناء بيت يليق بهدف المؤسَسة ؛ بمعنى تأمين جوّ روحيّ بحضور:

 الله وحده، يسوع السامري، الروح القدس منبع محبّة الله، الكنيسة الخادمة والفقيرة، أمنا مريم العذراء، القديس منصور

حضور يسمح بعيش إيمان قويّ وخدمة وأخوّة. (وثيقة، ” شجاعة المحبّة “)

ونحن أيضاً الأصدقاء، نستطيع أن ننمو في هذا الجوّ الروحي  وننتسب الى هذا البيت المبني على الصخر. هذا البيت الغني والمملؤ بالروحانيات، هو بيتنا. لذا سنلتقي مرتين لنتذّوق هذا النصّ ” شجاعة المحبة ” بالقراءة والتفكير والتعمّق والمشاركة.

 

اللقاء الأول:

الله –  المسيح –  الروح القدس

( قراءة النصوص الملائمة في ” شجاعة المحبّة “).

  • إذا أردت أن أعبّر بجملة واحدة عن من هم بالنسبة لي؟ الله وحده، يسوع السامري،

 الروح القدس ينبوع محبّة الله، فماذا أكتب؟

بعد التفكير،  نحاول معاّ كجماعة أن نكتب فعل إيماننا، بحسب إلهامات الروح.

صلاة: نستدعي الروح القدس بكلمات القديس أغوسطينوس:

هلم أيّها الروح القدس، روح الحكمة، هلم واسكن فيّ. أعطني نظرة باطنية وإصغاء داخلي، كي لا أتعلّق بالأشياء الماديّة، بل لأبحث دوماً عن الحقائق الروحيّة.

هلم أيّها الروح القدس واسكن فيّ، يا روح الحبّ: وأسكب أكثر فأكثر المحبّة في قلبي. 

هلم أيّها الروح القدس واسكن فيّ، يا روح الحقّ: وأعطني أن أصل الى معرفة الحقيقة الكاملة.

هلم أيّها الروح القدس واسكن فيّ،  يا ينبوع الماء الحيّ المتدفق لحياة أبديّة.

أعطني النعمة لأعاين وجه الآب في الحياة والفرح الأبديّ آمين.

 

اللقاء الثاني:

                الكنيسة –  مريم  –  القديس منصور

                                ( قراءة النصوص الملائمة في: ” شجاعة المحبة ).

كانت هذه الأماكن الروحيّة الثلاثة، عزيزة جداً على قلب جان أنتيد التي شعرت، وبأصعب الأوقات، أنّها إبنة الكنيسة. كما كان لديها علاقة تقويّة متينة بالعذراء مريم واعتبرت القديس منصور أباً روحيّاّ ومثالاً لها. منه استلهمت حيويّة عائلتها الرهبانيّة. نستطيع أن نقول بأنّ الكنيسة الفقيرة والخادمة، والعذراء مريم والقدّيس منصور، وأكيد على مستويات مختلفة، هم إشعاعات عطايا الثالوث. هم حياة ثالوثيّة. هم الحقيقة التي تجعل البيت قويّاً، جميلاً وجذّاباً.

  • بعدما تذوّقنا هذا الحضور في الجماعة، نقترح على كلّ فرد قراءة النص الذي يتكلّم عن البيت بمفرده، وأن يدوّن ما استوقفه في النصّ ويشرح لماذا؟ يحمل معه ما كتبه على انفراد ويقرأه للآخرين في اللقاء التالي.

لنصلّي:

أيّها الربّ يسوع، انت الذي أردت أن تكون فقيراً، أعطنا قلباً وعيوناً لنرى الفقراء ونعرفك فيهم. نعرفك في عطشهم وجوعهم، في وحدتهم وعوزهم.  أيقظ  في العائلة المنصوريّة الوحدة والبساطة والتواضع ونار المحبّة التي أحرقت قلبه. أعطنا قوّة روحك حتى نبقى أمناء لعيش هذه الفضائل ولكي نتأمّلك ونخدمك في الفقراء ونكون يوماً معهم، متحدين بك في ملكوتك السماوي. آمين.